الاكتئاب.. أسبابه وعلاجه..!
الكثير من الناس من يعاني اليوم من هذه
الظاهرة التي تسمى بالاكتئاب وقل ما نجد في الطب الحديث دواء لهذا الداء الفتاك
سوى إعطاء ما يسمى بمُضاضَّات الاكتئاب والتي تخدر الإنسان فلا يعود يشعر بنفسه
ويصبح كل شيء حوله سواء.
أحببت أن أشرح هذا الموضوع من أسبابه
الأساسية لعل القارئ المبتلى يستفيد من ذلك فيأخذ طريق العلاج الصحيح ويشفى بإذن
الله ولعله بعد ذلك يدعو لنا دعوة في ظهر الغيب ينجينا الله بها من الغم يوم
الحساب...
أسباب الاكتئاب..
أعود فأقول في كل مرة أن الإنسان ليس
مجرد تركيبة من دم ولحم وعظم وأعصاب، فهذا كله هو البنية الطينية للإنسان والتي
مصيرها بعد الموت إلى الفناء والعودة إلى أصلها التراب..
وما أصبح الإنسان سميعاً بصيراً إلا من
بعد أن نفخ الله فيه من روحه.
الروح إذاً هي المحرك لهذا الجسد
الترابي وهي التي أعطته صفة الإنسانية فأصبح يشعر بكل شيء حوله، وبها عرف ربه
وخالقه، فهي إذاً الذي زين البيت الترابي بكل الصفات الإلهية الحميدة وبدونها يعود
الإنسان إلى التراب ...
وهذا هو السر العميق في سعادة الإنسان
على هذه الأرض.. هذه الروح هي الأمانة التي استودعها الله عز وجل هذا الجسد
الترابي طالباً منه أن يعطي هذا الضيف الجليل حقه وأن يعيش لخدمته، فإن الروح، هذا
الضيف اللطيف هو من خالق الأكوان الرحمن الرحيم، اللطيف بعباده، وما نُفِخت هذه
الروح في هذا الجسد إلا لتسعده في الدنيا وتوصله في النهاية إلى من لا يخاف لديه
المرسلون وإلى من فاز بالسعادة الأبدية كل من قدر له رؤية وجهه الحبيب...
كيف يحزن من يحظى بصحبة أحب شيء في
الوجود لديه، في كل شهيق وزفير وفي كل طرفة عين ..؟
اليوم أصبحت اهتماماتنا مركزة على هذا
الجسد الترابي، فأخذنا نعتني بالدرجة الأولى بغذائه ولباسه ورفاهيته وكأنه هو كل
شيء، ونخاف كل الخوف أن يكون مصيره إلى التراب فيأكله الدود فيبلى وينتن ويتجنبه
الناس فيوارونه تحت الأرض وكأنه لم يكن.. وكلما ازداد اهتمامنا بهذا الجسد
الترابي، كلما غفلنا عن محرك هذا الجسد وسيد البيت الذي يسكنه، حتى يأتي ذلك اليوم
الذي يشعر ضيفنا فيه بجحودنا تجاهه وعدم اكتراثنا به فيشعر بالغربة والوحدة ويحن
إلى من نفخه فينا ... في هذه اللحظة تنقطع الصلة اللطيفة بين هذه الروح وبين الجسد
فيصبح الجسد تراباً متحركاً ولا يدري ما الهدف من وجوده في هذه الحياة فيصيبه
الحزن والاكتئاب فيذهب من طبيب إلى آخر والكل يعالج التراب ولا حياة لهذا التراب..
في الداخل تكمن الروح في زاوية من زوايا البيت لا يشعر بها أحد منتظرة دعوة مرسلها
إليه ثانية لتشكو له وحدتها..!
يقول الله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون..
ما خلق الله هذا الجسد ونفخ فيه الروح
إلا ليكون حاملاً لها يعزها ويكرمها حتى تعود ثانية إلى بارئها فتشكر عنده هذا
الجسد الذي كرمها واعتنى بها ووضعها في أجمل مكان عنده ، في القلب.. فيرفع الله
عندها هذا التراب إلى الدرجات العلى ويعزه كما أعز رسوله من قبل فيسعد الإنسان
بقرب الحبيب ويفنى عن نفسه بحبيبه..!
العلاج..
يقول الله تعالى:
الرحمن علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان. الشمس والقمر بحسبان. والنجم
والشجر يسجدان. والسماء رفعها ووضع الميزان.ألا تطغوا في الميزان. وأقيموا الوزن
بالقسط ولا تخسروا الميزان.
ثلاث مرات يذكر الله تعالى فيها
الميزان ويحضنا فيها على إقامة الوزن بالقسط. الجسد والروح هما كفتا ميزان وعلينا
أن نحرص على توازن هاتين الكفتين لنعيش في سعادة وأمان جسداً وروحاً..
طريقة العلاج بالطاقة التي أمارسها
تهدف لإعادة هذه الطاقة الحيوية التي تغذي الإنسان إلى حالة التوازن بغض النظر عما
يشكو منه المريض، فإذا ما وصلنا إلى حالة توازن الطاقة عند المريض ذهب المرض ..
وهكذا حال الجسد والروح فكلمنا أثقلنا
كفة الجسد، شعر الإنسان بثقل المادة الترابية التي تجذبه إلى الأسفل حتى يصبح
كالحيوان الذي لا يشغله سوى الطعام والشراب والتكاثر، أما الهدف الأول الذي خلق
الجسد لأجله، وهو حمل تلك النفحة الإلهية والاعتناء بها حتى تعود إلى بارئها فقد
غفل عنه ونسيه، فأنساه الله نفسه وفقد
الصلة التي تربطه بالعالم العلوي الذي كان يدعمه بالحب والأمل والسعادة، فأصبح
الإنسان هائماً بلا هدف ودخل في حالة ما تسمى بالاكتئاب، وما هي إلا حالة انفصال
صلة الروح عن الجسد.
العلاج إذاً هو عودة الإنسان إلى الوعي
بهدفه الذي خلق لأجله وإعادة الصلة بينه وبين ضيف رب العالمين فيه، وعندها يرتفع
مستوى الطاقة العليا التي تسمى لدى الصينيين بطاقة اليانغ، ويعود التوازن بين
الطاقتين (اليانغ والين) وفي هذه الحال لن يبقى مكاناً في الجسد لمرض يسمى
بالاكتئاب أو لغيره..!
هذا ما أراه هو السبب الأهم الذي يوصل
الإنسان إلى حالة اليأس ومن ثم الاكتئاب، فالمؤمن حقاً لا يعرف الاكتئاب إلا إذا
غفل عن الله، فيكون ذلك تذكرة له للعودة إلى ما كان عليه من صلة بربه.
هناك حالات من الاكتئاب تصيب الإنسان
وليس للإنسان يد فيها وإنما هي قدر مقدر من رب العباد خلال فترة من الزمن يستطيع
الطبيب العالم بالفلك معرفة بدئها ونهايتها ومعرفة الرسالة التي على المريض اكتشافها وفهمها ليرتقي بعدها
إلى منصب أعلى. هذه الحالات من الاكتئاب سأخصص لها رسالة خاصة قريباً إنشاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق